قال له صاحبه وهو يحاوره: لقد اتصل بي أحد جيراني يطلب مني شفاعة حسنة لدى صديق لقضاء حاجة له من حوائج الدنيا، فلما هممت بالاتصال بذلك الصديق لنقل حاجة جاري إليه وطلب مساعدته في قضائها بادرني أحد جلسائي بقوله: لا تتصل به فلن يقضي لجارك حاجته حتى لو كان يستطيع قضاءها، وأنت شخصياً جربته فلم يبيض وجهك أمام من شفعك لديه، فلماذا تطرق أبوابه مرة أخرى وأنت تعلم أنه لا خير فيه؟
ويستطرد المتحدث قائلاً: ومع أن في ما قاله جليسي شيئاً من الصحة، إلا أنني تجاهلت نصحه ومحاولاته إثنائي عن الاتصال بذلك الصديق الذي يرى أنه لا خير فيه، وقلت في نفسي: لقد جربته مرة واحدة فلماذا لا أجربه مرة ثانية وثالثة حتى أتأكد تماماً إن كان له نصيب في الشفاعة الحسنة أم أنه ليس له فيها نصيب!
وبالفعل تم الاتصال بذلك الصديق الذي رد على المكالمة من أول نداء، وذلك على غير عادته، فتفاءلت برده خيراً وشرحت له حاجة جاري طالباً منه قضاءها إن كان يستطيع ذلك، فإذا به يبدي استعداداً للمساعدة والمتابعة لقضاء تلك الحاجة بطريقة أفضل مما طلبها الجار، مؤكداً لي أنه سعيد بتقديم الخدمة عن طريقي لجاري الذي لا تربطه به أي علاقة، وعندها نظرت ملياً إلى جليسي وعلقت قائلاً: إن الذي يقضي حوائج الناس هو الله عز وجل وغير ذلك مجرد أسباب.
وتذكرت خلال ذلك الحوار أن المفسرين تأملوا قصة النبي الكريم موسى عليه السلام مع العبد الصالح الذي آتاه الله العلم، فوجدوا أن الاتفاق الذي أبرم بين موسى وذلك العبد الصالح قام على ألا يسأله موسى عن شيء من أفعاله حتى يقوم هو بتفسيره له مقابل أن يحظى موسى باتباعه في سفره، فقبل موسى ذلك الشرط، ولكن النبي الكريم لم يستطع صبراً على رؤية العبد الصالح وهو يخرق السفينة ويعرض ركابها جميعاً للخطر، فخرق بذلك الشرط لأول مرة، ثم خرقه عندما رآه يقتل الغلام دون سبب ظاهر، وأخيراً تعجب منه عندما رآه يحسن إلى أهل القرية التي لم تستجب لطلبهما شيئاً من الطعام يسدان به جوعهما، فإذا بالعبد الصالح يقوم ببناء جدار فيها حتى أقامه، لتكون الثالثة ثابتة وليطلب العبد الصالح من موسى أن يفارقه، مفسراً له ما فعله بالسفينة والغلام والجدار، وقد خرج المفسرون من تأملهم بأن على الإنسان أن يعذر صاحبه أو رفيقه أو زميله ثلاثاً إذا ما وجد فيه ما يكره، ثم بعد ذلك يحاسبه أو يفارقه لا أن يتبنى موقفاً ضده من أول مرة!
* كاتب سعودي
ويستطرد المتحدث قائلاً: ومع أن في ما قاله جليسي شيئاً من الصحة، إلا أنني تجاهلت نصحه ومحاولاته إثنائي عن الاتصال بذلك الصديق الذي يرى أنه لا خير فيه، وقلت في نفسي: لقد جربته مرة واحدة فلماذا لا أجربه مرة ثانية وثالثة حتى أتأكد تماماً إن كان له نصيب في الشفاعة الحسنة أم أنه ليس له فيها نصيب!
وبالفعل تم الاتصال بذلك الصديق الذي رد على المكالمة من أول نداء، وذلك على غير عادته، فتفاءلت برده خيراً وشرحت له حاجة جاري طالباً منه قضاءها إن كان يستطيع ذلك، فإذا به يبدي استعداداً للمساعدة والمتابعة لقضاء تلك الحاجة بطريقة أفضل مما طلبها الجار، مؤكداً لي أنه سعيد بتقديم الخدمة عن طريقي لجاري الذي لا تربطه به أي علاقة، وعندها نظرت ملياً إلى جليسي وعلقت قائلاً: إن الذي يقضي حوائج الناس هو الله عز وجل وغير ذلك مجرد أسباب.
وتذكرت خلال ذلك الحوار أن المفسرين تأملوا قصة النبي الكريم موسى عليه السلام مع العبد الصالح الذي آتاه الله العلم، فوجدوا أن الاتفاق الذي أبرم بين موسى وذلك العبد الصالح قام على ألا يسأله موسى عن شيء من أفعاله حتى يقوم هو بتفسيره له مقابل أن يحظى موسى باتباعه في سفره، فقبل موسى ذلك الشرط، ولكن النبي الكريم لم يستطع صبراً على رؤية العبد الصالح وهو يخرق السفينة ويعرض ركابها جميعاً للخطر، فخرق بذلك الشرط لأول مرة، ثم خرقه عندما رآه يقتل الغلام دون سبب ظاهر، وأخيراً تعجب منه عندما رآه يحسن إلى أهل القرية التي لم تستجب لطلبهما شيئاً من الطعام يسدان به جوعهما، فإذا بالعبد الصالح يقوم ببناء جدار فيها حتى أقامه، لتكون الثالثة ثابتة وليطلب العبد الصالح من موسى أن يفارقه، مفسراً له ما فعله بالسفينة والغلام والجدار، وقد خرج المفسرون من تأملهم بأن على الإنسان أن يعذر صاحبه أو رفيقه أو زميله ثلاثاً إذا ما وجد فيه ما يكره، ثم بعد ذلك يحاسبه أو يفارقه لا أن يتبنى موقفاً ضده من أول مرة!
* كاتب سعودي